لماذا سقطت حلب ولم تسقط الموصل..؟
يمنات
بدأت معركة استعادة الموصل و حلب في وقت واحد تقريبا بعدما رفعت القوات السورية و الروسية و حزب الله و إيران من القوة النارية ضد حلب، و رفعت الولايات المتحدة و السلطات العراقية و التحالف الدولي من هجماتها ضد الموصل. و يتساءل خبراء الحروب، لماذا سقطت حلب و لماذا لم تسقط الموصل..؟
و تعتبر المعارك في حلب و الموصل من أهم الحروب للقضاء على حركة داعش. و يعترف الخبراء بأن تجفيف منابع الإرهاب في الشرق الأوسط يعتمد استعادة المدينتين و بالخصوص الموصل التي تسيطر عليها “الدولة الاسلامية”، بينما حلب تواجد فيها خليط من القوات بين التكفيريين و مناهضين لنظام بشار الأسد.
و يعود سقوط حلب نتيجة تظافر عوامل حربية مختلفة، فقد نهجت القيادة الروسية تكتيكا منذ شهور يرمي الى ضرب خطوط التموين للمعارضة و الحركات الإرهابية، و كان الهدف الرئيسي هو قطع التواصل للمسلحين بين سوريا و العراق و بين سوريا و تركيا، فالأراضي السورية و العراقية كانت منفذا للمسلحين و العتاد الحربي القادم من دول الخليج العربي مثل قطر و السعودية.
و قامت روسيا بتكثيف القوة النارية من الجو باستعمال الطائرات من الجيل الأخير مثل سوخوي 34 و القصف من البحر، و لهذا دفعت بسفن حربية الى السواحل السورية في البحر الأبيض المتوسط و منها حاملة الطائرات كوزنتسوف.
و بالموازاة مع هذا التكتيك، دفعت بقوات بشار الأسد و إيران و قوات حزب الله الى المعركة البرية التي اعتمدت في مجملها على حرب الكوماندوهات. و كان كلما اشتد القصف الروسي على حي من أحياء حلب، تتقدم القوات الثلاث برا لتمشيطه من المسلحين.
و أقنعت القوة النارية المسلحين بأنهم أمام خيارين: الاستمرار في القتال مع تعريض مزيد من المدنيين لحصار الجوع و القتل، أو الانسحاب. و بذكاء وفرت روسيا للمقاتلين مخرجا مشرفا عندما سمحت بمعبر خاص يغادرون حلب نحو إدلب.
و لا يختلف المحللون العسكريون أن سقوط حلب هو مقدمة لسقوط باقي المدن الأخرى ذات أهمية أقل من حلب، و هو المنعطف الذي سيقود الى احتمال نهاية الحرب في سوريا لأن التحالف الرباعي روسيا – إيران – حزب الله و سوريا سيكرر الاستراتيجية نفسها في هجومه على المدن الأخرى إذا لم تستسلم.
لكن السيناريو العسكري في حلب لم يحصل في الموصل في العراق في مواجهة “الدولة الاسلامية” لأسباب حربية كثيرة، و منها عدم الدقة في القصف الجوي للتحالف الدولي، فقوات داعش تجنبت تمركز قواتها العسكرية في ثكنات و مواقع محددة بل انتشرت في مختلف الأحياء و المصالح مثل المستشفيات و المدارس.
مازالت الولايات المتحدة تفتقد للاستراتيجية المناسبة لمواجهة حركات مسلحة تجمع بين صفة الجيش و لكنها تتحرك في هيئة الكوماندوهات. فقد فشلت في محاربة الطالبان في أفغانستان، و يتكرر فشلها في العراق.
و يفتقد التحالف الغربي و القوات العراقية معلومات استخباراتية ذات جودة تمكنهم من توجيه ضربات موجعة لتجمعات داعش، خاصة و أن التحالف الدولي يحاول تجنب القصف العشوائي حتى لا يسقط مزيدا من المدنيين. و لكن التحالف نجح في تصفية بعض زعماء “الدولة الاسلامية”.
و تفتقد القوات العراقية التي تريد استعادة الموصل للتجربة القتالية التي يتمتع بها الحرس الثوري و قوات حزب الله، فرغم وجود قوات إيرانية رفقة الحشد الشعبي إلا أنها ليست بالعدد الكافي مثل وجودها في سوريا. و الجندي العراقي الحالي لا يمتلك الإرادة القتالية و لا التجربة الميدانية بل يحركه في الغالب الهاجس الديني، الشيعة ضد السنة.
إن سقوط حلب و استمرار الموصل في يد داعش يخلق أزمة للجيش الأمريكي لأنه يرى أن روسيا قد استفادت من هزيمتها في حرب أفغانستان، و تفادت الهزائم في الشيشان و سوريا، علما أن بعض الخبراء كانوا يقولون أن سوريا ستكون أفغانستان الجديدة للكرملين. بينما يعجز البنتاغون على الاستفادة من أفغانستان و يكرر نفس الخطاء في الموصل.
فسوريا لم تتحول الى أفغانستان جديدة لروسيا، و “الدولة الاسلامية” أصبحت طالبان العراق للبنتاغون.
للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا